TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

لماذا فشل الاتفاق التاريخي للمنتجين في إنقاذ سوق النفط؟

لماذا فشل الاتفاق التاريخي للمنتجين في إنقاذ سوق النفط؟

مباشر - سالي إسماعيل: يفقد الاتفاق التاريخي الذي أبرمته منظمة أوبك وحلفاؤها بريقه على أرض الواقع، بالنظر إلى تحذيرات مستمرة بأن مفعوله لن يكون سحرياً بل مؤقتاً.

وتستمر أسعار النفط في الهبوط إلى مستويات متدنية ملحوظة، حيث يتداول خام غرب تكساس أدنى 20 دولاراً للبرميل، كما عاود سعر برميل خام برنت القياسي الهبوط أدنى 30 دولاراً.

إذن؛ لماذا فشل اتفاق تحالف "أوبك+" في إنقاذ أسواق النفط وإعادة التوازن بين الطلب والمعروض؟، والذي تضرر منذ بداية العام من تفشي فيروس "كوفيد-19" وتداعيات مكافحة انتشاره.

وبالكاد، ينجح الاتفاق التاريخي بين كبار منتجي الخام في تعويض خسائر الطلب على المدى القريب، خاصةً في ظل صورة قاتمة بشأن الاقتصاد العالمي واستمرارية عمليات الإغلاق وبالتبعية تراجع الطلب على الخام.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، توصلت منظمة الدول المصدرة للنفط ومنتجي الخام من خارج أوبك إلى اتفاق مبدئي بشأن خفض إمدادات الخام على مدى العامين القادمين بعد توسط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في محاولة لوقف حرب الأسعار.

لكن المكسيك ألقت بهذا الاتفاق عرض الحائط بعدما رفضت المشاركة في الاتفاق بالخفض المطلوب البالغ 400 ألف برميل يومياً وأقرت خفضاً 100 ألف برميل يومياً فقط.

وفي عطلة الأسبوع، حاول التحالف "أوبك+" في التفاوض مجدداً لتكون النتيجة التوصل إلى اتفاق تاريخي يشمل خفضاً قدره 9.7 مليون برميل يومياً في غضون الشهرين المقبلين.

ورغم أن هذه الصفقة وصفها الرئيس ترامب بأنها "رائعة للجميع"، لكن محللون في سوق الخام يعتقدون أن هذا الخفض أقل بكثير من التقديرات الخاصة بانهيار الطلب في أعقاب أزمة الكورونا.

وكانت الأزمة الصحية التي اندلعت منذ أواخر العام الماضي في الصين وامتدت بعد ذلك إلى شتى دول العالم، تسببت في توقف الحياة والأنشطة الاقتصادية ما أدى إلى جمود اقتصادي على نطاق عريض ألقى بدوره بتبعات سلبية على الطلب على الخام.

ويستمر القلق بشأن تخمة المعروض رغم توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بأن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة سيسجل أكبر هبوط شهري على الإطلاق خلال أبريل/نيسان الجاري بفقدان نحو 200 ألف برميل يومياً، ورغم تهاوي الإنتاج الأسبوعي بنحو 600 ألف برميل يومياً.

وحتى مع الخفض الطوعي الذي قد يشارك به دول من خارج مجموعة "أوبك+"، كالبرازيل وكندا، فإن الضغوط الهبوطية مستمرة، حيث يرى بنك "جولدمان ساكس" أن الصفقة غير فعالة كونها لا تستطيع تعويض الانخفاض الحاد في الطلب.

وتتوقع حالياً وكالة الطاقة الدولية أن يكون 2020 هو أول عام يشهد هبوطاً في الطلب على النفط بعد أكثر من عقد من الزمن يشهد نمواً في الطلب.

وتشير تقديرات الوكالة الدولية، التي تعتقد أن مفعول الاتفاق التاريخي سيكون سارياً على المدى القريب فقط، إلى أن الطلب على الخام سيتراجع بنحو 9.3 مليون برميل يومياً هذا العام.

وتأتي هذه التقديرات على الرغم من فرضية أن قيود السفر المتبعة حالياً في كافة أنحاء العالم سيتم تخفيفها خلال النصف الأخير من 2020.

وتؤكد الوكالة الدولية أنه ليس هناك اتفاقاً مجدياً من شأنه خفض الإمدادات النفطية بما يكفي لتعويض خسائر الطلب تلك على المدى القريب.

ومن الأمور التي تؤكد فشل الاتفاق في معالجة مخاوف الأسواق، فإن سعر خامي برنت ونايمكس تعرضا إلى خسائر بنحو 15 بالمائة و21 بالمائة على الترتيب منذ جلسة الخميس الماضي وحتى تداولات اليوم.

وتضاف هذه الخسائر إلى الهبوط الذي يتجاوز 50 بالمائة في أسعار الذهب الأسود على خلفية انهيار الاتفاق التاريخي بين أوبك والحلفاء.

وفي الوقت نفسه، تظل أسعار النفط تحت الضغط القوي من المخاوف الخاصة بتخمة المعروض في ظل استمرار تدابير الكورونا على الصعيد العالمي وتأثيرها السلبي على الأداء الاقتصادي.

ورسم صندوق النقد الدولي صورة أكثر قتامة بشأن أداء الاقتصاد هذا العام، حيث يتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 3 بالمائة في عام 2020، وهو الأمر الذي من شأنه أن يكون الركود الأسوأ منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.

وتترجم النظرة المتشائمة بشأن الاقتصاد إلى مزيد من الضعف في الطلب العالمي على النفط وبالتالي فإن القادم سيكون أسوأ ما لم يتم احتواء أزمة "كوفيد-19" في أقرب وقت ممكن.

وتقول كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد "جيتا جوبيناث" إن هذه أزمة غير مسبوقة، مع الإشارة إلى أنه مثلما الحال في أوقات الحرب أو الأزمات السياسية فإن هناك حالة متواصلة من عدم اليقين الشديد بشأن مدة وشدة الصدمة.

وعلى ما يبدو فإن هذا الأمر غير ممكناً في ظل اتخاذ بعض دول العالم قرارات بتمديد قرارات الإغلاق حتى الشهر القادم ووسط تحذيرات من إعادة فتح الاقتصاد مرة أخرى يهدد بانتكاسة جديدة.

ومع تأكيد الجميع أن الأزمة الحالية أسوأ من الأزمة المالية العالمية التي وقعت قبل عقد من الزمن، فمن الصعب أن يكون هناك تعافياً في الطلب خلال النصف الثاني من العام خاصةً حال استمرار قيود السفر وتدابير الإغلاق.